يعرض هاري موسكوف قراءة تجمع بين السياسة والنصوص اليهودية لتفسير تحوّل العلاقة بين القاهرة وتل أبيب خلال الأسابيع الماضية، في ظل خطة السلام الأميركية الممتدة لعشرين بندًا.
يصف موسكوف حالة توتر متصاعدة في العلاقة المصرية الإسرائيلية، قائلاً إن شيئًا “ينبعث منه رائحة غريبة” في سلوك القاهرة منذ دخول إسرائيل إلى خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي منحت مصر دور الشريك الأكثر أهمية بحكم حدودها مع غزة. يضيف الكاتب أن مؤشرات عدة تكشف تحوّلًا غير مريح، فيقرر قراءة المشهد من زاوية توراتية ترى أن مصر تخون اتفاق السلام في “نهاية الأيام”، وتشن هجومًا أخيرًا على إسرائيل قبل أن تنتصر الأخيرة.
تشير جويش نيوز سينديكت إلى أنّ النصوص الدينية اليهودية تتحدث عن شخصية تحمل اسم “ساساه” تقود الهجوم، ويرى الكاتب تشابهًا بين الاسم ورئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي. ويستشهد بالروايات التلمودية التي تتوقع وقوع هذا الهجوم قرب نهاية حكم الزعيم المصري. انطلاقًا من ذلك، يعتبر موسكوف أنّ تمديد السيسي لفترة حكمه حتى 2030 وتوسيع التعاون الاقتصادي مع إسرائيل لا يلغي في الوقت نفسه ضخّ الجيش المصري بقدرات إضافية يعُدّها مقلقة.
القوة الدولية في غزة والقلق من دور القاهرة
يرى الكاتب أن مشاركة مصر المتوقعة في “قوة استقرار غزة” المقترحة دوليًا تمثّل مصدر قلق استراتيجي لإسرائيل، خصوصًا بعدما كشفت تقارير أن حكومة بنيامين نتنياهو لم تُبلغ مسبقًا بمشروع القرار الأميركي المطروح أمام مجلس الأمن. يعتبر موسكوف أن نشر قوات مصرية داخل غزة يفتح بابًا حساسًا، ويثير تساؤلات حول نيات القاهرة الحقيقية. يصف السيسي بأنه قائد عسكري محبط من قيود اتفاقية كامب ديفيد، ويضع زيادة انتشار الجيش المصري على الحدود الجنوبية لإسرائيل في خانة الإشارات المقلقة
بنية عسكرية متنامية وقراءة أمنية متشددة
يذهب الكاتب إلى أن مصر أعادت بناء قواتها على نحو يتجاوز القيود المنصوص عليها في الملحق الأمني لمعاهدة السلام. يستشهد بتقارير استخباراتية مفتوحة المصدر، من بينها وثائق في “غرفة قراءة وكالة المخابرات المركزية" وتقارير من "ديفِنس سيكيورتي آسيا" و"معهد القدس لدراسات الأمن والسلام" توثّق نشر منظومات صينية من طراز HQ-9B في العريش قرب رفح، إلى جانب قواعد جديدة وتحركات كثيفة للقوات.
يضيف أن القاهرة تبرر هذه الحشود بقتال داعش في سيناء، لكن تل أبيب وواشنطن تنظران إليها بريبة، وسط قلق من احتمال امتداد عمليات إسرائيلية ضد حماس داخل الأراضي المصرية. يربط الكاتب هذا القلق بإعادة فرض منطقة حظر جوي بطول 200 كيلومتر على الحدود للمرة الأولى منذ حرب أكتوبر، تحت ذريعة التصدي للطائرات المسيّرة.
بين التحذير الديني والرؤية السياسية
يستخدم موسكوف إطارًا دينيًا واسعًا ليعزز رؤيته السياسية؛ فيذكّر بالروايات التي تعتبر المصريين المعاصرين امتدادًا مباشراً لأجيال الخروج، على عكس الفلسطينيين الذين، بحسبه، لا صلة لهم بالفلستيين القدماء. يشيد بدعم شخصيات مسيحية إنجيلية لإسرائيل، ويستحضر تصريحات ميشيل باكمان وميك هاكابي حول “اجتثاث” حماس، مقارنًا الحركة بالعماليق في الرواية الدينية.
يرى الكاتب أن إسرائيل، رغم ما يصفه بتدهور أخلاقي في الغرب وصعود شخصيات سياسية “مزدوجة الخطاب” مثل زهران ممداني في نيويورك، تمرّ بما أسماه بالنهضة الروحية الداخلية تظهر في عودة جنود علمانيين إلى طقوس السبت وارتفاع شعبية القنوات المحافظة. يعتبر هذه العودة إلى “الجوهر الإيماني” عنصر الحماية الأقوى لإسرائيل.
ومن المفارقات أن يرى الكاتب أنه حتى لو اتخذت القاهرة مسارًا مختلفًا أو خصوميًا، فإن قوة إسرائيل الحقيقية تستند إلى مزيج من السياسة والروح والتاريخ، وأنّ هذا المزيج يمنحها القدرة على تجاوز أي تهديد قادم من مصر أو من غيرها، سواء حمل توقيع القوة الدولية أو حركة حماس أو تحولات الغرب.
https://www.jns.org/something-is-not-right-with-egypt/

